قالت وزارة البترول والمعادن والطاقة إن الدراسات والاستشارات التي قيم بها لاحقا من طرف العديد من الخبراء “أكدت عدم مردودية مصفاة نواذيبو (Raffinerie) من حيث أن تكلفة المواد المنتَجَة منها أغلى بكثير من التموين بالمواد المستوردة”.
وأوضحت الوزارة في بيان وزعته اليوم أن آخر الدراسات التي أكدت عدم مردودية المصفاة المذكورة ما قامت به “سيما أوبتيك الكندية”.
وأشار بيان الوزارة إلى أن مشروع المصفاة “تم اطلاقه دون أية دراسة جدوى، وتم تنفيذه مثل الكثير من المشاريع المماثلة في الدول النامية في تلك الفترة بناء على فرضيات تبين فيما بعد عدم صحتها”.
نص البيان:
تم تداول بعض التسجيلات مؤخرا حول مصفاة نواذيبو (Raffinerie) وشركة تكرير المحروقات (SOMIR). وسعيا لرفع اللبس وكشفا للمغالطات التي وردت في تلك المداخلات، نود تقديم الإيضاحات التالية.
أولا: فيما يخص مصفاة انواذيبو:
لقد تم إطلاق مشروع المصفاة سنة 1973 واكتمل سنة 1978 بكلفة 100 مليون دولار ولم يتم الاستلام النهائي للمصفاة نتيجة خلل فني حال دون تشغيلها بعد اكتمال بنائها.
وعلى إثر هذا الخلل الفني، توصلت شركة اسنيم المشرفة على المشروع وشركة فويست آلبين Voest Alpine النمساوية المعروفة إلى اتفاق بالتراضي، دفعت بموجبه فويست آلبين 20 مليون دولار كتعويض (20.120.270 دولار بالضبط) من دون اصلاح الخلل.
وهكذا ظلت المصفاة خارج التشغيل حتى سنة 1982.
وفي سنة 1981 أسست الحكومة شركة سومير (الشركة الوطنية للصناعة والتكرير) واوكلت اليها مهمة تشغيل وتسيير المنشأة.
وقد اقامت سومير عدة تعاقدات حيث اقترضت مبلغ 10 مليون دولار من بنك اللويدز البريطاني لإصلاح المصفاة وتشغيلها. كما اقامت شراكة مع شركة سوناطراك لتزويدها ب 20 ألف طن من البترول الخام وشكل ذلك اول مرة تتم فيها عملية تكرير تقوم بها المصفاة تكبدت خلالها شركة سومير خسائر كبيرة تم على إثرها إيقاف تجربة التكرير سنة 1983.
واقتصر استغلال المصفاة على تخزين المواد المستوردة من طرف اسنيم والشركة الموريتانية لتسويق المواد البترولية SMCPP.
وفي سنة 1985 وقعت الحكومتان الموريتانية والجزائرية اتفاقا لإعادة تأهيل المصفاة وتجهيز ميناء البترول، تم بموجبه إسناد مهام تشغيل وتسيير المصفاة لشركة نفطال الجزائرية.
واقتصر تشغيل المصفاة على انتاج حاجيات البلد من البنزين وتشغيلها مدة 6 أشهر من كل سنة، في حين كانت الشركة تستورد غالبية الحاجيات من الديزل والفيول من الخارج.
وفي عام 1999 أوقفت نفطال عمليات التكرير كاملة بعد أن تكبدت خسائر كبيرة تماما مثل ما حصل مع سومير من قبل. ومن جديد اقتصر استعمال المصفاة على تخزين المواد المستوردة.
وفي الفترة من 2002 إلى يومنا هذا، ظلت المصفاة موقفة تماما وتستعمل لأغراض التخزين فقط.
والحقيقة ان تجارب تشغيل المصفاة مع سومير ونفطال اثبتت ان عملية التكرير عديمة المردودية وذلك لسببين:
لأن التكنولوجيا المستعملة في المنشأة قديمة تم تصميمها في الستينيات ومبنية على استهلاك كبير للخامات وللطاقة في عهد كان برميل البترول لا يتجاوز 3 – 4 دولار
وبعد ان قفزت أسعار البترول سنة 1974 لتصل الى قرابة 14 دولا ومن ثم الى 33 دولار في سنة 1980 وبالتالي أصبحت التكلفة عالية جدا وتغيرت الحسابات كليةً للكثير من المنشآت المماثلة لتخرج كلها تدريجيا من دائرة الاستعمال.
تجدر الإشارة الى ان المشروع تم اطلاقه دون أية دراسة جدوى وتم تنفيذه مثل الكثير من المشاريع المماثلة في الدول النامية في تلك الفترة بناء على فرضيات تبين فيما بعد عدم صحتها.
وبالفعل، أكدت الدراسات والاستشارات التي تم القيام بها لاحقا من طرف العديد من الخبراء، كان آخرها دراسة سيما أوبتيك الكندية اكدت كلها عدم مردودية المصفاة وأن تكلفة المواد المنتَجَة منها أغلى بكثير من التموين بالمواد المستوردة.
كما تمت دراسة العديد من السيناريوهات التي اكدت أن أفضل الخيارات لموريتانيا، في الظروف الحالية، هو استيراد المواد البترولية مع استعمال طاقات التخزين للمنشأة وتأمينها لأنها تشكل خطرا حقيقيا.
وأوكَلت لشركة GIP مهمة تأهيل منشات التخزين بالمصفاة، وهو ما تقوم به حاليا.
كما تعاقدت شركة سومير، بدعم مالي وفني من الوزارة، مع شركة متخصصة في مجال تنفيذ عمليات تأمين منشآت التكرير مما سيمكن مستقبلا من تأمين منشآت التخزين.
ثانيا: فيما يخص سومير،
أوكلت الدولة لسومير مهمة الرقابة والقيام بالتحاليل والتأكد من نوعيات وكميات المواد البترولية المستوردة، كما أوكلت لها مهام تفتيش الكميات ورقابة الجودة. وبناء على ذلك تضطلع سومير بمهمة رقابة الجودة والكمية لدى محطات البنزين ونقاط بيع الغاز على عموم التراب الوطني.
ونظرا لتلك المسؤوليات الجسيمة، فإن دور سومير سيكون أكبر وأوسع وذلك ما يتطلب مصادر بشرية وموارد أكبر، وهذا ما تعمل عليه الوزارة علما ان مهمة سومير تتطلب المزيد من المصادر البشرية والموارد المالية وتعزيز وتوسيع القدرات.