في الديمقراطيات التقليدية، عادة ما يكون التغيير الحكومي مرتبطا بانتخاب رئيس جديد، وهذا يعني مغادرة سلفه و الحكومة بكافة وزرائها، وتسليم المشعل للرئيس الجديد و الذي بدوره سيشكل حكومة جديدة، يواجه من خلالها تحديات كبيرة، انطلاقا من سلطته المطلقة في اختيار وتعيين الوزير الأول ، وصولا إلى تحديدهما معا للحقائب الوزارية و وضع معايير ومبادئ لذلك.
ويعتبر وضع الخطط الاستراتيجية والتنموية ونوعية ومواصفات ومؤهلات وخبرات الوزراء الذين سيشكلون الوزارة الجديدة من أهم التحديات، فالتشكيل الوزاري يعكس طبيعة المهام والأدوار التي يقوم بها الوزراء وأن تتفق تخصصاتهم وخبراتهم العلمية والعملية و المهام والمسؤوليات المسندة لهم كما لا يٌثقل أحد الوزراء بأكثر من حقيبتين وزاريتين ذات مسؤوليات كبيرة ومتعددة في نفس الوقت – تجنبا للعبء الوظيفي- ، كما أن مسميات الحقائب الوزارية يجب أن تعكس طبيعة المهام والمسؤوليات التي تقع على عاتق الوزير، وألا يسهم مسمى الحقيبة الوزارية في ايجاد سوء فهم أو لَبْس أو تداخل في الاختصاصات مع مسميات الحقائب الوزارية الأخرى.
أما عن معايير الاختيار لتلك الأسماء او المرشحين لشغل المناصب القيادية ، فهي تخضع إلى مواصفات ومعايير مهنية واجتماعية يراعى فيها تراكم الخبرات الإدارية والتوازن والقيادة بالرؤية والفهم السياسي والاجتماعي و الاحساس بضرورة التحديث المؤسسي وفق خطة استراتيجية واضحة ومعلنه.
وانطلاقا من ذلك، تكمن الإشكالية الكبرى ، في قياس مدى فعالية مِعياريْ الكفاءة والملائمة
في تحديد الحقيبة الوزارية واختيار من سيتولاها.
إن المعيار هو المقياس للأداء الفاعل اللازم لتحقيق هدف معين، بالتالي يساعد في توفير الأداة الفاعلة لاختيار النتائج المتحققة ومدى توجهها نحو الأهداف المحددة، وكذلك يستخدم كأساس لتبين معايير الأداء الأكثر طموحا في المستقبل، و الذي يُختار لمنصب وزير لا يجب أن يكون شخصا مجهولا، لا على مستوى مصالح الدولة أو الرأي العام أو حتى المؤسسات الدستورية، كما أنه يجب أن يتمتع بمسار مهني يؤهله، فشخص الوزير يجب أن يكون معلوما لدى الرأي العام ، و أن يكون رزينا ورصينا وصارما وثقيلا وله قدرة واسعة على العمل، ويلتزم بروح لتنصيب الوزير الفريق، ويشتغل في مسار واضح ولم يصادم الرأي العام !!
لقد ارتبط معيار اختيار الحكومة الآنية بالكفاءة – إلى حد كبير- ، انطلاقا من طبيعة التخصصات العلمية والمهنية و الشهادات ، وصولا إلى الخبرات المهنية والتدرج الوظيفي في شغل الوظائف والتنوع الوظيفي ومدته، وتقييم الإنجازات ، وبالملائمة أيضا مع ماراعات لاختصاص الوزارات المختلفة.
كما تم اعطاء فرصة أخرى للوزراء الذين نجحوا – في إدارة مهامهم كما يجب – في الحكومة السابقة ، وبتالي استمروا في قطاعاتهم و تم تدوير آخرين بناء على ما أبرزوه من إمكانات قد تفيد قطاعات وزارية آخرين و بالتالي تم القضاء – نسبيا- على الاعتبارات الأخرى ، كالجهوية والمحسوبية و الخبط عشواء.
إن منصب الوزير سياسي بدرجة أولى، لا بد لمن يشغله أن يكون على قدر كبير من العلم والخبرة والرؤية السياسية، قريباً من مشاكل المواطن والبحث عن حلول لها وهنا يأتى دور الخبرات التى تقضى على المشاكل بحلول علمية، وواجبه هنا تطبيق الحلول لأن من ضمن مواصفاته القدرة على التنفيذ والقيادة وهذا فى ضوء الأولويات للظروف التى نمر بها، فالعديد من الوزراء يدخلوننا فى مشاكل بسبب تصريحات لهم تجعل الشارع فى حالة من السخط.
وختــــاما على الوزير، أن لا يكون مسيرا فقط و إنما منسقا لفريق عمل ومنفذا لبرنامج بمنهج تراكمي، فاللاحق للوزارة يكمل ما تركه السابق، وهكذا تستمر المسيرة، و يبدأ من حيث انتهى الآخرون، فعنصر النجاح لا يعتمد على الكفاءة فقط، ولا الملائمة، وإنما يتطلب وجود عدد من المتطلبات الأخرى، كالالتزام والمسؤولية وحب الوطن والتفاني في العمل، وكذا المبادرة والتنافس في الميدان فضلا عن الأخلاق والسمعة الطيبة، فمنصب الوزير ليس من المناصب التي يجري عليها مبدأ المحاولة والخطأ أو التجريب، وإنما هو صورة واقعية لتحليل السيرة الذاتية والمواصفات الشخصية بطريقة علمية، فالمنصب منصب تكليف وليس تشريفا.
وفق الله موريتانيا حكومة وشعبا .