نواكشوط (صحيفة مفتاح الخير الإلكترونية) في مقابلة له مع قناة افرانس24 الفرنسية، لاحظ المتتبعون أن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني اعتمد أسلوب الحذر وتحاشي مراوغات الصحفيين بذكاء بحيث كانت أفكاره واضحة وكلماته موزونة.
فحول ملف تونس، مثلا، لم يقبل وصف ما حدث فيها بـ”الانقلاب”، كما تجنب تثمينه، تاركا للرأي العام التونسي حق تقييم أحداثه بنفسه.
ولم تنته دبلوماسية الرئيس عند هذا الحد، بل أبدع في تناول موضوع الانسحاب الفرنسي من شمال مالي، بحيث ثمن جهود فرنسا، مانحا إياها نصيبها من النجاحات المتعلقة بالملف العسكري والأمني، لكنه اعتبر، في المقابل، أن دول الساحل لديها من السيادة والحكمة ما يجعلها قادرة على حماية المنطقة في حالة توقف عمليات برخان الفرنسية.
وقد أبهر رئيس الجمهورية الصحفييْن الفرنسيين عندما أكد لهما أنه لم يطلع أبدا على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية حول ملفات العشرية المنصرمة، لأنه، ببساطة، لم يقرأ التقرير أبدا، ما يعني أنه لا يمكن أن يتخذ موقفا من ملف لم يقرأه. كان هذا الجواب غاية في الروعة لأنه يعني –من بين أمور أخرى- أن الرئيس لا يمتلك موقفا حيال الملف، وأنه يسعى إلى الابتعاد من أية قضية ما تزال بين يدي القضاء. فمجرد قراءة تفاصيل الملف لابد أن يتمخض عنها موقف، ومجرد اتخاذ موقف يعني التأثير، بطريقة أو بأخرى، على سير العدالة وقرارات القضاة.
ورفض الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أي تعليق سلبي على سلفه محمد ولد عبد العزيز، واكتفى بالقول انه لم يخنه، أما احتمال خيانة سلفه له هو فترك للصحفيين خيار طرح السؤال على المعني. وهو ما اعتُبر حنكة فائقة في النأي عن المهاترات والجدالات العقيمة بخصوص علاقة يجب أن تبقى شخصية جدا.
وجدير بالذكر أن رئيس الجمهورية، بعد مقابلته مع صحيفة لوموند وصحيفة جون آفريك وقناة افرانس24 (التي عززت طاقمها المحاور بصحفي من إذاعة فرنسا الدولية)، أعطى الانطباع بأنه قادر على الدفاع عن مواقفه بأجمل العبارات وأنظف الأساليب، وأنه يبتعد كل البعد عن أسلوب التوتر والغضب لأنه يتحاشى السقوط في شراك الصحفيين، وأن أجوبته التي تعتمد فلسفة “ما قلّ ودل”، كانت هادئة بحيث ظلت تعكس شخصيته.