استمرو المظاهرات في عدد من المدن الأمريكية احتجاجا على مقتل جورج فلويد، حيث ارتفعت أعداد المتظاهرين في محيط البيت الأبيض، وهو الأمر الذي زاد من حدة الخلافات بشأن التعامل معها.
وفي وقت سابق، وضع البنتاجون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في موقف حرج للغاية بعدما أبدى تحفظا كبيرا حيال إمكانية مشاركة عدد من قوات الجيش في وقف الاحتجاجات. ومن شأن قرار البنتاجون أن يحدث شقاقا كبيرا بين قيادات الجيش ورئيس البيت الأبيض باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، وتزامن ذلك مع تصريحات قيادات سابقة في الجيش تحمل ترامب مسؤولية هذه الاضطرابات.
ولا شك أيضا أن خطوة البنتاجون هذه سترسم علاقة الرئيس دونالد ترامب بالمؤسسة العسكرية والتي ستكون في قادم الأيام أكثر توترا بعد رفض وزير الدفاع مارك إسبر اللجوء إلى قانون يسمح بنشر الجيش في المدن الأمريكية بهدف التصدي للحركة الاحتجاجية.
هجوم غير مسبوق
ومع تصاعد الأحداث، شن وزير الدفاع السابق، جيم ماتيس، هجوما غير مسبوق على الرئيس الأمريكي، على خلفية إدارته لأزمة الاحتجاجات الأخيرة، في وقت تشهد العلاقات بين وزير الدفاع الحالي، مارك إسبر، وترامب، التباسا، دفع البيت الأبيض للتحدث عن الأمر.
وقال ماتيس في تصريحات صحفية، إنّ “دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الأمريكيين، بل إنه حتى لا يدّعي بأنه يحاول فعل ذلك”، مضيفا “بدلاً من ذلك، هو يحاول تقسيمنا”.
وهذا أول انتقاد من نوعه يصدر عن ماتيس، الذي استقال من منصبه احتجاجاً على انسحاب قوات بلاده من سوريا، وهو الجنرال السابق في سلاح المارينز والذي يحظى باحترام كبير في بلاده، وسبق له وأن رفض مراراً توجيه أي انتقاد لترامب لأنه كان يعتبر أنه من غير المناسب انتقاد رئيس أثناء توليه منصبه.
من جانبه، رد ترامب ووصف في تغريدة عبر حسابه على موقع “تويتر” للتواصل الاجتماعي، ماتيس بأنه “أكثر جنرال مبالغ في تقديره على مستوى العالم”، مدعيا أنه فصله من منصبه رغم أن ماتيس قدم استقالته علنا.
وزير الدفاع لا يزال في منصبه
وفي السياق، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كايلي ماكيناني، إن وزير الدفاع مارك إسبر لا يزال في منصبه، بعدما أثيرت تكهنات بأن ترامب يريد إبعاده بسبب تصريحات له بشأن الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
وقالت ماكيناني: “حتى الآن، الوزير إسبر لا يزال في منصبه وإذا فقد الرئيس ثقته فيه سنعلم جميعا بهذا في المستقبل”.
وقال إسبر في وقت سابق إنه لا يدعم التذرع بقانون التمرد لنشر قوات عسكرية عاملة لإخماد الاضطرابات في الوقت الحالي، كما قال إنه لم يكن يعلم بإشراكه في الصورة ذات المغزى السياسي التي التقطت لترامب أمام كنيسة محترقة جزئيا في الجهة المقابلة للبيت الأبيض.
تراجع سريع
وحتى يخرج من الموقف المحرج، اضطر ترامب إلى التراجع عن مواقفه السابقة، مشيرا إلى أنه لا يعتقد أنه سيحتاج إلى الاستعانة بالجيش للتصدي للاحتجاجات التي أشعلها مقتل “جورج فلويد”.
وفي خطوة من شأنها تهدئة الشارع الغاضب، أعلنت السلطات الأمريكية أن رجال الشرطة الأربعة الذين أوقفوا جورج فلويد في مينيابوليس أصبحوا ملاحقين قضائيا بينما أعيد توصيف موته بـ”الجريمة” كما كان يطالب مئات الآلاف من الأميركيين الذين يتظاهرون منذ الأسبوع الماضي.
ورأى حاكم ولاية مينيسوتا أن اتهام الشرطيين الأربعة يشكل فرصة “لمعالجة مشكلة العنصرية المؤسسية والإفلات من العقاب” اللذين أديا إلى موت جورج فلويد.
وأضاف “إنها على الأرجح فرصتنا الأخيرة لمعالجة الأمر كدولة وكأمة”.
10 آلاف معتقل
على جانب آخر، ارتفع عدد المحتجزين على خلفية الاحتجاجات والتظاهرات التي تجتاح العديد من المدن الأمريكية مؤخرا إلى أكثر من 10 آلاف شخص.
وبحسب إحصائيات لوكالة “أسوشيتد برس”، فقد تم إلقاء القبض على أكثر من 10 آلاف شخص في الاحتجاجات المنددة بالعنصرية وعنف الشرطة في أعقاب وفاة جورج فلويد، في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وبحسب الوكالة، ازداد العدد بالمئات كل يوم مع تدفق المتظاهرين إلى الشوارع حيث واجهوا وجودا كثيفا للشرطة وحظر التجول الذي يمنح سلطات إنفاذ القانون سلطة اعتقال واسعة.
وسجلت لوس أنجلوس حوالي ربع الاعتقالات على الصعيد الوطني، تلتها مدن نيويورك ودالاس وفيلادلفيا.
هل أصيب فلويد بكورونا؟
كشفت وسائل إعلام أمريكية عن أن نتائج تشريح جثة جورج فلويد أظهرت أنه كان مصابا بفيروس كورونا المستجد مؤخرا.
وبحسب نتائج تشريح الجثة الكامل، التي جاءت في 20 صفحة، فإنه لم تظهر على فلويد أي أعراض لإصابته بمرض كوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا عندما توفي أواخر شهر مايو الماضي.
وجاء في التقرير التابع لمقاطعة هينيبين أن نتيجة فحص فيروس كورونا أظهرت إصابته بتاريخ الثالث من أبريل.
وبعد وفاته بيوم، أي في 26 مايو، أجرى الأطباء اختبارا عبر الأنف، وأظهرت النتيجة أيضا إصابته بمرض كوفيد-19، حسبما نشرت شبكة “أيه بي سي”.
وكان طبيبان قاما بتشريح مستقل لجثة فلويد قالا إن سبب الوفاة “اختناق ميكانيكي”، مما يعني أن قوة جسدية تدخلت ومنعت دخول الأكسجين، وإن وفاته كانت جريمة قتل.